المدرسة.. طوق النجاة السياسى بقلم زين شحاته
، مراسل صحفى ، سيناريست وامين عام للمركز لدى مركز تحيا مصر للدرسات الإستراتيجية وإستطلاع الرأى
زين شحاتة يكتب:
موجة الأفكار والمعتقدات الهدامة التى تعرضت لها مصر فى السنوات القليلة الماضية والتى كادت أن تعصف بالأخضر واليابس فى البلاد، والتى هدفت قوى الشر الداعمة فى الداخل والمدعومة من الخارج إلى زعزعة ثقة المواطن فى ذاته وقدراته والنيل من دوره كمواطن صالح يدور فى فلك المجتمع وتشويه أفكارالشباب، ثروة الحاضر وكنز المستقبل، بغرض السيطرة ودس سم الإحباط فى طريق طموحه ومن ثم إسقاطه وإسقاط الدولة، ولكن قدرة الله أرادت لهذا الشعب أن يبقى فتحطمت تلك الموجة على صخرة زعيم وجيش خرج من رحم الشعب.
وصاحب تلك المرحلة حراج سياسى أسقط قناع الزيف عن معظم الأحزاب والنخب السياسية المتهالكة الهرمة لتُظهر انهيار البناء السياسى الداخلى وتضع مؤسسات الدولة الحكومية والمدنية أمام مسئولية إعادة غرس القيم الأساسية وتجذير روح الوطنية والقومية بالصورة التى تزيد من اعتزاز المواطن بذاته وثقافته وتراثه وحضارته، اعتزاز يدفعه إلى التضحية فى سبيل استقرار الوطن.
وتعد المدرسة من أهم مؤسسات الدولة التى يمكن أن تساهم فى تعميق شعور الانتماء والتثقيف وتأهيل الأجيال القادمة لتصنع درعا واقيا فى مواجهة تحديات المستقبل، فالمدرسة تستقبل الطفل فى عمر السادسة أو السابعة ويقضى بها ما تبقى من الطفولة والمراهقة، أهم مراحل تكوين الشخصية والسلوك، لذلك تحتاج المناهج التعليمية قلب النظام التربوى إلى إعادة تقييم لتتفق ومشاهدات وملاحظات الطالب فى العالم من حوله ليتقبلها ويترجمها مستقبلا إلى سلوك، لذلك فالمقررات الدراسية فى حاجة إلى تدعيم ببعض الموضوعات التى تكفل نشر الوعى السياسى بين أفراد المجتمع.
وفى ظل غياب مؤسسات التنشئة السياسية الأخرى من أحزاب سياسية ووسائل الإعلام ومراكز الشباب نجد أن المدرسة هى البديل وطوق النجاة لإنقاذ الشباب من ظلمات الأمية السياسية وإنارة طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فلماذا لا تقوم الدولة ممثلة فى وزارة التربية والتعليم بتنظيم دورات تثقيفية صيفية لطلاب الثانوية العامة والثانوية الفنية؟ تهدف إلى تثقيف الشباب سياسيا ومنها على سبيل المثال لا الحصر تلقينهم مفهوم المشاركة السياسية «التى تعنى التأثير بالرأى والفكر على مخرجات الحكومة والنظام الحاكم دون التصادم وبطرق تعبير شرعية مع نُكران للذات وأن المشاركة حق للمواطن فى المجتمعات الديمقراطية تنتزع ولا تمنح ما دامت تهدف إلى البناء»، وستتولى هذه الدورات تنمية شعور المسئولية الاجتماعية تجاه مشكلات المجتمع بعيدا عن السلوك السياسى العنيف الذى ترعاه قوى الشر وقوى المعارضة الكارهة للنظام والدولة، هذا السلوك الذى يتدرج من المعارضة الكلامية وانتقاد النظام القائم وحقن الإحباط فى وريد القوى الإنتاجية وصولا إلى استخدام العنف ضد الأفراد والممتلكات العامة والخاصة وصناعة الاضرابات والمظاهرات والاعتصامات.
كما ستعمل تلك الدورات على إخراج الشباب من دائرة الإحباط السياسى إرث الأنظمة السابقة (حيث يدرك الشباب قضايا وهموم ومشكلات مجتمعه ويتلمس نوافذ الحل ولكنه يعيش أسير الاعتقاد بأن دوره لا قيمة له فى ظل عدم اعتراف النظام بأهمية مشاركته)، وتغيير تلك المفاهيم وتعميق الشعور بأهمية دور كل مواطن فى بناء مصر الجديدة.
كما يجب أن تكون تلك الدورات إلزامية على غرار التربية العسكرية التى تدرس لطلاب الجامعة والتى لا يمكن للطالب الحصول على شهادة التخرج من دونها، وجميعنا يتذكر فترة التربية العسكرية التى تأخذ فى العطلة الصيفية والتى أتاحت لنا فرصة الاحتكاك برجال القوات المسلحة، والارتواء ببعض المعلومات العسكرية وإن كانت بسيطة بالنسبة لبحر العلوم العسكرية إلا إنها كانت كافية لنتفهم المصطلحات والقرارات العسكرية، وبالرغم من بساطتها إلا إنها لعبت دور الحارس لعلاقة الشعب وجيشه فى مواجهة محاولات الوقيعة المتكررة والمتجددة، وبالمثل تكون هناك شهادة للتربية السياسية يحصل عليها الطالب والطالبة تقدم ضمن مستندات مكتب التنسيق وبذلك تضمن الدولة حصول الشباب على الحد الأدنى من الثقافة التى تكفل تحصينه ضد أمراض العولمة وسطحية الأحزاب والجماعات التى تستهدف تعبئة الشباب لمصالح شخصية ضيقة أو مطامع خارجية واسعة لتحيا مصر.
شكرا لك .. الى اللقاء
ليست هناك تعليقات: